فى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر وفى نفس الوقت الذى ظهرت فيه الكلاسيكية الجديدة أو بعدها بقليل ظهر اتجاة جديد فى الفن هو ( الرومانسية -
Romanticism ) ؛ وفى حين كانت الكلاسيكية الجديدة هى فن الثورة الفرنسية ؛ فإن الرومانسية هى نتاج هذة الثورة وظهرت كاتجاة فنى معارض للكلاسيكية الجديدة ومفاهيمها ؛ فكانت الرومانسية تحمل قيم وجدانية فى التعبير عن المشاعر الفنية عند الإنسان فى مقابل القيم العقلانية التى تضمنتها الكلاسيكية الجديدة ....
كان التعبير الفنى عند الفنان الرومانسى تعبيرا ذاتيا يهدف إلى إخراج العواطف والانفعالات التى تجول بداخله بدلا من التعبير عن القيم الجمالية التى نادت بها الكلاسيكية ؛ من هنا بدأ الاهتمام بالخيال والاشعور والأحلام ...
ومن الجوانب المهمة التى تبلورت عن هذا الإتجاة الرومانسى هو إطلاق حرية الفنان ؛ تلك الحرية التى تماشت مع المبادىء التى قامت عليها الثورة الفرنسية فكان بذلك هو أول من مهد الطريق إلى الفردية فى الفن الحديث فيما بعد .........
وقد انتشرت الرومانسية فى الطبقة الوسطى من المجتمع لذلك لامست عواطف المشاهد أكثر من تلك الأعمال الكلاسيكية الجديدة التى كانت بعيدة عنه فى الزمان وفى المستوى الطبقى ....
ومن أهم رواد الرومانسية الفنان ( جويا ) و ( ديلاكروا ) و ( رودان )
وفى منتصف القرن التاسع عشر وبعد قيام الجمهورية الفرنسية الثانية ( 1848 – 1852 ) ظهرت النزعة ( الواقعية - Realism ) فى الفن كرد فعل للتحولات السياسية التى اثارت الروح الديمقراطية بين أفراد الشعب تلك الروح التى نادى بها أيضا رواد الفكر والأدب فى تلك الفترة أمثال ( هوغو ) و ( فولتير ) فكانت الحياة اليومية بما تحتويه من مشاكل المجتمع والطبقة الكادحة هى خير معين تناول منه الفنانون موضوعاتهم الفنية .......
كما كان ظهور هذة النزعة الواقعية كرد فعل أيضا على النزعة الرومانسية ؛ لذلك وجدنا أنها ابتعدت عن الابتكار والخيال والمبالغة فى الحركة واتجهت إلى تمثيل الأشياء كما هى عليه ..
" بعد فترة تشبعت المدرسة الواقعية إلى اتجاهين : الاتجاة الأول وقد ساد فى غرب أوربا حيث هدفت القيمة الجمالية فى أعمال فنانيه إلى ترجمة الواقع الذى يعيشة الشعب من ظلم وفقر وبؤس ؛ وتجلى هذا الاتجاة واضحا فى أعمال العديد من رواد هذة المدرسة كالفنان ( كوربيه ) و الفنان ( دوميه )
أما الاتجاه الثانى والذى ساد فى شرق أوربا فإن هدف القيمة الجمالية فيه ليست مجرد وسيلة لترجمة واقع معين بل وسيلة وأداة للإصلاح ؛ بمعنى أنه إذا كان الاتجاه الأول يهدف إلى تصوير ماهو كائن فإن الاتاجه الثانى يهدف إلى ماينبغى أن يكون .......
وظهر هذا الاتجاه واضحا فى أعمال الفنانين السوفيت الذين عملوا على إنهاء الفن البرجوازى ومعارضة مذهب الفن للفن ؛ والمناداة بالفن من أجل المجتمع .........
من هنا نجد أن المدرسة الواقعية هى حلقة من حلقات التطور التاريخى للفن التشكيلى ومفاهيم القيم الجمالية والالتزام المدرسى بقضايا المجتمع ؛ ذلك الأمر الذى أوجد حركات رد فعل معارضة له تماما تجلت فى مدارس ومذاهب الفن المعاصر ...
وعند البحث فى مذاهب الفن المعاصر لابد لنا من تسليط الضوء على طبيعة الحياة فى القرن العشرين وما احتوته من أحداث وتطورات ومتغيرات ....
فقد شهد النصف الأول من هذا القرن حروبا كبيرة ؛ كالحرب العالمية الأولى والثانية ؛ بالإضافة إلى ثورات محلية فى كثير من دول العالم غيرت من أنظمة حكم وأنشأت أخرى ؛ إن تلك الحروب والثورات وما صاحبها من حركات تغيير سياسية واقتصادية واجتماعية قد أفرزت العديد من الأدباء والمفكريين والفنانين الذين إستطاعوا من خلال أعمالهم وإنجازاتهم إبراز مفاهيم جديدة عبرت عن طبيعة الحياة المعاصرة .....
إن أهم مايميز العصرأنه عصر التكنولوجيا والإكتشافات العلمية والبحث العلمى والحياة المطردة المتسارعة تلك الصفات أفرزت حالة من القلق سيطرت على طبيعة الحياة فى القرن العشرين وما صحبها من تغيير مستمر فى المفاهيم والثوابت ولاسيما بعد إكتشاف النظرية النسبية حيث لم يعد هناك تسليم بالقيم المطلقة الثابتة إلا بعد الرجوع إلى الإختبارات والتجارب العلمية الصحيحة الواضحة من هنا نجد أنه لانستطيغ حصر الفن المعاصر بشكل دقيق وأن نحكم عليه من خلال معايير محددة كالتى خضعت لها الفنون السابقة كالفن الأغريقى والرومانى وفن عصر النهضة ......
نجد أن الفن المعاصر قد خرج من مفهوم الحفاظ والالتزام بقواعد المنظور ومراعاه الشبة والمحاكاة والتفاصيل التشريحية الدقيقة ليصل إلى مفهوم الإبداع والإبتكار هذا المفهوم الذى تبلور أيضا من خلال إطلاق العنان بحرية الفنان إن كان ذلك على صعيد الشكل أو على الصعيد المضمون ...
نتيجة لذلك قد ظهرت العديد من المدارس والمذاهب الفنية التى جسدت طبيعة هذا العصر فنجد فى المدرسة التأثيرية كيف إستفاد الفنانون من التحليل العلمى وطبيعة الضوء الذى تم إكتشافة على يد العالم ( نيوتن ) ( 1642 – 1727 ) وتوالت بعد ذلك المدارس والمذاهب الفنية كالمدارس التعبيرية والوحشية والتكعيبية والسيريالية والتجريدية ..........
منقول
Bookmarks